عندما حصل على الجنسية الأسبانية كان يُقدر هذه اللحظة التى تجعله مطلوباً
على ذمة تحقيقات فساد وإهدار مال عام وتهريب أموال إلى الخارج.. كان يعرف
الثغرة التى تمكنه من العيش بسلام وينعم برغد الحياة بدون أن تتأثر حياته..
إنه رجل الأعمال حسين سالم المطلوب على ذمة قضايا تحقيقات عديدة، مكنته
جنسيته الأسبانية من أمور عديدة ألا وهى أن يحمل اسما مختلفا عما هو موجود
فى جواز سفره المصرى، فرجل الأعمال الهارب حسين سليم يمتلك رصيدا كبيرا من
الحيل والألاعيب التى اكتسبها من عمله فى المخابرات عندما كان ضابط فى
الجهاز قبل أن يتركه ويصبح رجل أعمال، لذلك لم يكن غريبا أن يكون كاتم
أسرار الرئيس، أول الهاربين خارج مصر بعدما بدأ البساط ينسحب من تحت أقدام
النظام ورجاله، حيث غادر القاهرة بتاريخ 3 فبراير الماضى، وأُحيل إلى محكمة
الجنايات لارتكابه جرائم الإضرار بمصلحة البلاد وإهدار المال العام،
وتمكين الغير من تحقيق منافع مالية، بعد قيامه ببيع وتصدير الغاز المصرى
لدولة إسرائيل بسعر متدنٍ لا يتفق والأسعار العالمية.
رجل الأعمال الهارب الذى يبلغ من العمر 77 عاماً، ترددت أنباء عن إلقاء
الشرطة الدولية "الإنتربول" القبض عليه فى إسرائيل، بينما نفت النيابة
العامة صحة هذه المعلومات، ولكن ما يثير الدهشة هو أن الموقع الإلكترونى
لـ"الإنتربول" عندما وضع صورة حسين سالم ضمن صور "المطلوبين للعدالة" ونشر
معلومات شخصية عنه، فإنه تجاهل نشر ما يفيد أنه يتمتع بالجنسية الأسبانية،
بل اكتفى الإنتربول بالإشارة إلى أنه مصرى الجنسية فقط، على عكس رشيد محمد
رشيد الذى ذكر الموقع أن لديه جنسيتين هى المصرية والكندية.
إخفاء الجنسية الثانية لحسين سالم من قائمة المطلوبين دوليا، أمر شكلى ولا
يعنى الكثير، سواء أعلنه الإنتربول أو أخفاه، هذا هو رأى اللواء سراج الدين
الروبى، رئيس الإنتربول المصرى السابق، مضيفا أنه لو تم إلقاء القبض على
سالم فى البلد الذى يحمل جنسيته "أسبانيا"، لكان واجبا أن تتم محاكمته أمام
القضاء الأسبانى دون الحاجة إلى ترحيله لمصر، وأوضح الروبى أن هناك بعض
الدول لا تمنع تسليم المتهمين المطلوبين للدول صاحبة الجنسية الأصلية مثل
كندا.
خالد أبو بكر عضو الاتحاد الدولى للمحامين، يقول هناك العديد من الحيل التى
يستطيع أن يهرب من خلالها رجال الأعمال من قرار تجميد أرصدتهم فى البنوك
الأوروبية ومن طلب النائب العام بكشف سرية حسابات المسئولين المصريين
المشكو فى حقهم بتهمة الاستيلاء على الأموال المصرية وتهريبها للخارج،
أولها أن يكون لديه جنسية مزدوجة فى إحد الدول والتى تمنحه حق تغيير الاسم،
كما هى الحال بالنسبة لحسين سالم، والذى تعطيه جنسيته الأسبانية الحق إما
فى الاحتفاظ باسمه الحقيقى الموجود فى جواز السفر المصرى أو تغييره "مضيفا"
حتى وإن لم يغير اسمه فإن الأسماء فى جوازات السفر الأجنبية ليست كنظيرتها
المصرية أو العربية والتى تضم الاسم رباعيا، حيث تصبح الأسماء ثائية تشمل
اسم صاحب الجواز ولقبه، وهو الأمر الذى يمكن حسين سالم من الهروب من أحكام
القضاء.
ولكن مهما كانت براعة حسين سالم فى التخفى خلف جبال أوروبا، فهناك طرق
عديدة للايقاع به، حسبما يقول أبو بكر والذى يطالب النائب العام بضرورة
الكشف عن اسم الأم وتاريخ الميلاد ومحل الميلاد للمسئولين الذين يحملون
جنسيات مزدوجة، لأن هذه المعلومات لا يمكن تغييرها مطلقا.
الجنسية المزدوجة التى حصل عليها حسين سالم، تمنحه حصانة أمام الأحكام
الصادرة عن القضاء المصرى، فى حالة عودته لأسبانيا وعيشه بها، لأنه مواطن
أسبانى لا تسرى عليه أحكام القضاء المصرى، هذا هو رأى الدكتور فؤاد عبد
المنعم رياض، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان وعضو المحكمة الدولية
السابق، الذى قال "لو كان سالم موجودا حاليا فى أسبانيا، فلا نستطيع أن
نحاكمه أو نصل إليه لأنه سيكون خاضعا للقضاء الأسبانى، أما إذا كان موجودا
فى أى دولة أخرى هنا تستطيع مصر أن تطلب تسلمه لمحاكمته طبقا للاتفاقية
الدولية لمكافحة الفساد".
وأكد رياض على أن ازدواج الجنسية هى ثغرة قانونية تواجه السلطات المصرية
ويجب عليها التحرك بسرعة بما يضمن المحاكمة العادلة دون الفرار منها، وأضاف
أنه فى حالة وجود رجل الأعمال الهارب فى دولة أسبانيا بصفته أحد مواطنيها
يجب على مصر تحريك دعوى قضائية أمام المحاكم واتهامه فيها بالسرقة وتهريب
أموال مصر إلى الخارج، واذا ثبت تورطه سيصدر القضاء الأسبانى القرار
المناسب باسترداد الأموال وبحبسه.
رجل الأعمال الهارب حسين سالم