فى أول تحقيق استقصائى تليفزيونى عن الأموال المصرية التى هربتها عائلة
الرئيس المخلوع حسنى مبارك، كشفت الإعلامية لميس الحديدى فى برنامجها "هنا
العاصمة"، الذى تبثه قناة "سى بى سى" والذى تم تصويره فى لندن مؤخراً، أن
الحكومة البريطانية وصلت حتى الآن إلى 40 مليون جنيه استرلينى تخص القائمة
التى طلبت الحكومة المصرية والنائب العام المصرى من السلطات البريطانية
تجميد أصولهم وممتلكاتهم فى لندن.
وعلى مدار ثلاثة أسابيع من البحث فى لندن توصلت لميس الحديدى فى تحقيقها
إلى أن المفتاح الحقيقى لمعرفة أموال وأصول "آل مبارك" هو وليد كابا وسعيد
كابا، وكشفت فى أولى حلقات " البحث عن أموال مصر المهربة فى لندن" أن كابا
يشترك فى ثلاث شركات أساسية تخص جمال مبارك من بينها المجموعة المصرية
"هيرمس".
ومن قلب لندن كشفت الحديدى، أن جمال مبارك زار لندن وقضى فيها ليلة واحدة
عقب تنحى والده فى 11 فبراير وليلتها نظم عشاءً تكلف 160 ألف جنيه بمطعم
ترامب مع مجموعة من الأصدقاء، وبعدها ذهب إلى باريس ثم عاد مباشرة إلى مصر،
وذلك كما كشفت المصادر التى التقت بها الحديدى، أن اللقاءات والزيارة كانت
بشأن ضبط أمور مالية لمبارك الابن، ومن المقرر أن تكشف تفاصلها كاملة فى
الحلقة الثانية.
وكشفت الحديدى، أن جمال مبارك أسس أولى شركاته فى لندن فى أفخم شوارع
العاصمة البريطانية بشارع سلون ستريت، حيث أسس عقب خروجه من بنك "أوف
أمريكان" شركة هى باكورة أعماله الخاصة فى عالم البيزينس 1996 وكانت لأعمال
البرمجة والكمبيوتر مع شركاء لديهم شركة كبرى باسم "بركلين" هما سعيد
ووليد كابا، ثم بعد أربعة أشهر تحديدا تم تعديل اسم الشركة لجمال مبارك إلى
"ميد أنفست"، وهى على علاقة وثيقة مع شركة "بولين" فى قبرص والتى يمتلك
فيها جمال مبارك 50%، ويمتلك كل من وليد وسعيد كابا 25%، ويشارك علاء مبارك
فى مجلس الإدارة تغير النشاط فجأة إلى استشارات مالية وائتمانية، وهى ذات
الأسماء تقريباً التى تشارك بنسبة كبيرة فى شركة المجموعة المالية "هيرمس"،
كما ذكر التحقيق الاستقصائى للحديدى.
وأوضحت الحديدى، أنها حاولت لثلاث مرات للتواصل مع وليد كابا، إلا أنه رفض
الرد بعدما علم بالأمر، وفى مقابلة مع البرنامج فى وزارة الخارجية
البريطانية، أكد نائب وزير الخارجية البريطانية لشئون الشرق الأوسط ألكسندر
بيرج أن حكومته استجابت سريعاً لطلب الحكومة المصرية بتجميد أصول 19 من
رموز النظام المصرى السابق على رأسهم الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك
وأولاده.
وكشف أنه بالفعل تم الوصول إلى 40 مليون جنيه استرلينى تخص أعضاء بالمجموعة
المطلوب تجميد أصولها، لكن لم يفصح عن هوية أو من يمتلك هذه الأموال،
مشدداً على أن طريق استرداد مصر للأموال سهل جدا فى حال تقدير القضاء
المصرى حكما باتا بإدانة أعضاء القائمة أو أى منهم وتقديم أوراق مؤيدة لهذا
الحكم، نافياً أن يكون هناك تباطؤ أو تأخير من جانب بريطانيا لتحقيق مطلب
المصريين إلا أن الأمر يرجع كما قال إلى الإجراءات القانونية والتى تضمن
إنجاز الأمر بشكل صحيح وقانونى.
وأشار بيرج فى حواره مع لميس الحديدى إلى أنهم على تواصل دائم مع الحكومة
المصرية ويتعاونون إلى أبعد حد، متوقعاً أنه خلال الأشهر الست القادمة يكون
هناك رداً جديداً فيما يتعلق بهذه الأموال، مضيفاً أن القوانين البريطانية
صارمة جداً ولا يوجد أى تهاون فى حال كشف تلاعب أو أخطاء فى إدارة
الأموال، مستشهداً بحالة الرئيس النيجرى السابق الذى تم إعادة أمواله إلى
الشعب والحكومة النيجرية بعد إصدار أحكاما ضده وبدلائل قانونية.
وفى مقابلة للبرنامج مع جون كريستين أحد خبراء تعقب الأموال الهاربة فى
الخارج، أكد أن الشركات "أوف شور" هى الملاذ الآمن والمعقد لتحركات أموال
المسئولين والتى تختفى فيما لا يقل عن 6 حلقات وأرقام سرية، مشيراً إلى أن
قبرص هى البلد الأكثر احتضاناً لهذه الشركات وهى المحطة الأولى تقريباً
لحركة الأموال غير النظيفة ولكنها ليس إلا حلقة أولى تنطلق منها الأموال
إلى حلقات أخرى كثيرة فى جزر أوروبية وبريطانيا وغيرها، معتبراً أن الحكومة
المصرية تحتاج لاجتياز طريق طويل لاسترداد أموالها المهربة من خلال شركات
ومحامين وإجراءات حكومية وقضائية، لكنه نفى المعرفة الحقيقة لحجم هذه
الأموال أو توقيت معين لإنجازها خلافا للعقبات كثيرة.