النص الكامل لأقوال اللواء حسن عبدالرحمن رئيس جهاز «مباحث أمن الدولة» فى
تحقيقات قضية قتل المتظاهرين، وهى التحقيقات التى اختلفت عن غيرها من
التحقيقات مع حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق أو مساعديه بأن أقوال
عبدالرحمن تتضمن تأريخ لـ 7 سنوات جلس فيها على كرسى رئاسة الجهاز وهى
نفسها السنوات التى تضخم فيها الفساد فى مصر، ليس فقط فسادا ماليا وإداريا
إنما فساد سياسى.
التحقيقات تكشف عن معلومات مهمة بشأن تنسيق جهاز مباحث أمن الدولة مع
المخابرات الحربية طيلة أيام الثورة وكذلك معلومات أخرى عن أن عبدالرحمن هو
الذى طلب من العادلى تدخل القوات المسلحة بعد اتصال هاتفى جرى بينهما فى
الحادية عشرة صباح يوم جمعة الغضب 28 يناير.
عبدالرحمن بات متحولا أثناء التحقيقات فرغم كونه رأس حربة أمن الدولة فى
قمع واضطهاد الحركات السياسية فإنه الوحيد من أعوان العادلى الذى اعترف
بالثورة المصرية ووصفها بالثورة الشعبية، وكذلك تأكيده على أنها جاءت بعد
وقت طويل من الاحتقان الداخلى.
التحقيقات بدأت مع عبدالرحمن فى 10 مارس الماضى وتحديدا الساعة السابعة والنصف مساء، وكالمعتاد فى أول جلسات ما اسمك وسنك وعنوانك؟
س: ما هو اسمك وسنك وعنوانك؟
ج: حسن محمد عبدالرحمن يوسف، وسنى 62 عاما، وأعمل مساعد أول وزير الداخلية
وأتولى رئاسة جهاز أمن الدولة وأقيم فى 293 شارع بورسعيد سيدى جابر -
الإسكندرية وأحمل رقم كارنيه رقم 19/71 صادر عن وزارة الداخلية.
س: ما هو قولك فيما هو منسوب إليك من أنك
متهم بالاشتراك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع بعض ضباط وأفراد
الشرطة فى مقتل عدد من المتظاهرين بإطلاق أعيرة نارية وخرطوش عليهم مع سبق
الإصرار.. وقد اقترنت تلك الجرائم بارتكاب جنايات أخرى هى القتل والشروع فى
قتل عدد آخر من المتظاهرين مع سبق الإصرار؟
ج: محصلش.. وأنا كنت فى هذا التوقيت رئيسا لجهاز مباحث أمن الدولة وهذا
الجهاز ليس له علاقة بإصدار الأوامر بإطلاق النار وهو جهاز جمع معلومات
فقط.
س: كما أنك متهم بإطاعة وزير الداخلية فيما
أصدره من أمر بتعطيل الأمر الصادر من رئيس الجمهورية بتاريخ 28 يناير 2011
للحفاظ على أمن البلاد إلى جانب القوات المسلحة مما ترتب عليه الإخلال
بالأمن؟
ج: الجهاز اللى أنا برأسه لم يتوقف عن العمل لحظة واحدة وأستشهد فى ذلك بما
ورد بحديث رئيس مجلس الوزراء والذى قال فيه إن جهاز الأمن السياسى لم يهتز
ويعمل بشكل سليم.
س: كما أنك متهم بصفتك موظفا عموميا
بالتسبب بخطئك فى إلحاق ضرر جسيم بأعمال ومصالح الجهة التى تعمل بها وأموال
ومصالح الغير المعهود بها إلى تلك الجهة؟
ج: هذا الاتهام غير صحيح والمعلومات التى تم جمعها كانت صحيحة وتم عرضها
على قيادة وزارة الداخلية قبل الأحداث بفترة مناسبة، وأنا لا أسأل عن أى
أضرار.
هو: ما هى طبيعة عملك واختصاصك الوظيفى ومنذ متى تباشره؟
ج: أنا أعمل رئيس جهاز أمن الدولة منذ شهر يوليو لسنة 2004 وهو الجهاز الذى
يقوم بجمع المعلومات عن أى أنشطة مضادة أو أى تنظيمات غير شرعية وجمع أى
معلومة تمس أمن البلاد ومكافحة الإرهاب.
س: وما هو دور الجهاز الخاص بأمن الدولة والذى كنت ترأسه؟ وما هو الهيكل التنظيمى له؟
ج: هيكل الجهاز يتكون من قيادة المركز والجهاز تتبعه فروع فى كل محافظات الجمهورية ويتفرع من هذه الفروع مكاتب لأمن الدولة.
س: ومما تتكون هذه القيادة المركزية للجهاز؟
ج: القيادة المركزية عبارة عن مساعد وزير الداخلية والذى يرأس الجهاز وله
نائب برتبة لواء ومجموعة عن الإدارات التى تتابع عمل الفروع المختلفة،
وأضيف أن القيادة المركزية للجهاز تتبعها أنشطة لها إدارات مختلفة، وكل
إدارة يرأسها ضابط برتبة لواء أو عميد ومعه مجموعة من الضباط، ومثلاً
الإدارات الموجودة مكافحة النشاط المتطرف والإرهابى، وإدارة متابعة النشاط
الداخلى، وإدارة متابعة النشاط الخارجى للتعامل مع السفارات والجهات
الأجنبية، وإدارة للشؤون الإدارية والمالية والتدريب، وإدارة للمعلومات
والأرشيف والحاسب الآلى، وإدارة للأمن تتابع عمل ضباط الجهاز وفروعه.
س: ورد بأقوالك أن دور الجهاز هو جمع المعلومات فكيف يتم ذلك تحديداً فى إطار عمل الجهاز؟
ج: يتم جمع المعلومات من خلال ضباط الفروع الجغرافية ومن يتعاملون معهم من مصادر معلوماتهم والأفراد المتعاملين معهم.
س: ما هى الرتب الخاصة التى تباشر العمل بالقيادة المركزية والفروع والمكاتب؟
ج: الفروع يرأسها ضابط برتب لواءات أو عمداء والمكاتب ليس لها رتبة معينة.
س: ما هو الدور الذى يقوم به جهاز مباحث أمن الدولة بشكل عام فى التظاهرات على مستوى الجمهورية؟
ج: بالنسبة للمظاهرات يتم جمع المعلومات عن الأعداد المتوقعة لها ومطالبها
ونوعية المشاركين فيها، والتوقع للمدى الذى ستصل له المظاهرة.
س: وهل يكون للجهاز فى هذه الحالة إصدار توصية أو أى شىء فى كيفية التعامل معها؟
ج: هذا يختلف على حسب المظاهرة وطبيعتها وأحياناً نوضح فى التقارير رؤيتنا
فى التعامل مع المظاهرة وهذه التقارير يتم عرضها على وزير الداخلية.
س: وما هى الأحوال التى تقوم فيها بالعرض على رئيسك كيفية التعامل مع المظاهرة؟
ج: هذا يكون فى حالة إذا كانت المظاهرة كبيرة أو حجمها كبير أو تمس أمن
الموقع اللى هتكون فيه وإذا كانت المظاهرات فئوية فيكون لى رأى فى ضرورة
تحقيق هذه المطالب.
س: وما هو دور الجهاز فى التعامل مع المظاهرة على أرض الواقع؟
ج: يستكمل رصد ومتابعة ما يحدث فى المظاهرة وتطورها ويقوم بالرصد الميدانى الفروع الجغرافية فى المحافظات بما يتبعه من مكاتب.
س: وكيف يتواجد أفراد وضباط أمن الدولة فى تلك المظاهرات لرصدها؟
ج: بيكونوا متواجدين فى أى موقع بالقرب من المظاهرة لرصدها.
س: وهل يقتصر دور أفراد وضباط أمن الدولة على رصد تلك المظاهرة أم أن ذلك يمتد إلى التعامل مع عناصر تلك المظاهرة بشكل أو بآخر؟
ج: هو دور الضباط والأفراد هو مجرد الرصد فقط وتصعيد الأمر إلى القيادة المركزية للفرع.
س: فى حالة وجود عناصر معينة بالمظاهرة يتعين القبض أو التحفظ عليها، ماذا يحدث؟
ج: يتم تحديد هويتهم ورصدهم فقط دون التعامل معهم لحين اتخاذ إجراء فى وقت آخر.
12 سؤالا سريعا أجاب عليها فى سرعة شديدة لكون تلك الأسئلة تصب فى الجانب
الإدارى والتنظيمى لطبيعة عمل الجهاز، غير أن الأهم بحسب وجهة نظر المحقق
هو: هل تحدد المعلومات التى يجمعها كل فرع قدرة جهاز الشرطة على التعامل
معها؟ وهنا كانت إجابة عبدالرحمن بكل حسم «أيوه طبعاً»، وهى الإجابة التى
استندت عليها النيابة العامة فى توجيه الاتهام الرئيسى له من إمداده الجهات
الأمنية معلومات مغلوطة عن أعداد المتظاهرين بما لم تستعد وزارة الداخلية
بالعدد الكاف لمواجهتهم.
يستكمل المحقق أسئلته عن التفاصيل الداخلية لعمل الجهاز، حيث سأل عن المسؤول فى القيادة المركزية للجهاز عن التظاهرات؟
فرد عبدالرحمن: هو الاختصاص هنا يتحدد على أساس طبيعة المظاهرة والقائم بها
فإذا كانت مظاهرة ذات طابع دينى يختص بها إدارة مكافحة النشاط المتطرف،
وإذا كانت مظاهرة ذات طابع فئوى يختص بها إدارة النشاط الداخلى، وإذا كانت
المظاهرات خاصة بأجانب يختص بها إدارة النشاط الخارجى.
س: وهل تتغير المعلومات التى يقوم بها جهاز أمن الدولة لرصد تظاهرة معينة إذا ما تطور الأمر فيها من حيث أعدداها وطبيعة مطالبها؟
ج: بنعمل تقرير يتضمن توصية ووجهة نظر الجهاز فى هذه المطالب من حيث كونها
مشروعة وكيفية تلبيتها ويتم التنسيق فى هذا بين وزير الداخلية والجهة
المختصة.
س: كيف يتم إعداد تلك التقارير بشأن التظاهرات؟ وما هو التدرج الخاص بها؟
ج: هى المعلومات كلها تطلع من الفروع وتتلقاها الإدارة المركزية المختصة
وتقوم بتحليلها وعرضها على قيادة الجهاز المتمثلة فى رئيس الجهاز، ثم يتم
عرضها على وزير الداخلية.
س: وهل تكون هذه التقارير مكتوبة أم شفهية؟
ج: غالبية التقارير تكون مكتوبة ويوقع عليها مدير الإدارة، ثم نائب رئيس
الجهاز ثم رئيس الجهاز، وإذا كانت هناك أمور عاجلة يتم الإخطار بها شفهياً.
س: وما هو دور رئيس الجهاز ونائبه بالنسبة للتقارير الخاصة بالمظاهرات؟ وكيف ترسل للوزارة؟
ج: أنا أناقشها وأراجعها وممكن أغير الرأى فيها بعد مناقشة مدير الإدارة
بحيث تتم صياغتها فى صورة نهائية، ثم يتم إرسالها لمكتب الوزير من خلال
مندوب.
س: وهل يتم الاحتفاظ بصور من هذه التقارير؟
ج: أيوه يتم الاحتفاظ بصورها فى أرشيف الجهاز، كما أن الأصول المرسلة
للوزير تتم إعادتها للجهاز مؤشرا عليها بتوجيهاته، إذا كانت له رؤية فيها
ويتم حفظها فى الأرشيف أيضًا.
انتقل المحقق من الأسئلة العامة عن طبيعة عمل الجهاز وجمع المعلومات وكيفية
إعداد التقارير، إلى الحديث بشكل خاص ومحدد عن مظاهرات يوم 25 يناير، من
جمع معلوماتها والشخص الذى ترأس التحريات وتفاصيل ما قبل يوم 25 يناير.
س: بشأن التظاهرات الأخيرة التى شهدتها البلاد فى 25 يناير، ما هى الإدارة المسؤولة بالجهاز عن تلك المظاهرات ومتابعتها؟
ج: هى إدارة النشاط الداخلى.
س: ومن المسؤول عن تلك الإدارة آنذاك؟
ج: هو اللواء شريف جلال مدير إدارة التنظيمات السياسية، وهناك فرع آخر هو
فرع النشاط المحلى ويرأسه اللواء طارق عطية، وأنا أريد أن أوضح أن إدارة
النشاط الداخلى وبه إدارة عامة يرأسها لواء ولكن وقتها كان هذا المنصب
شاغرا، وكان يتفرع من هذه الإدارة العامة إدارتان مركزيتان، الأولى
للتنظيمات السياسية برئاسة اللواء شريف جلال، والثانية للنشاط المحلى
برئاسة اللواء طارق عطية.
س: وهل بحوزتك الآن صور من التقارير التى تم عرضها على وزير الداخلية بشأن هذه المظاهرات؟
ج: أيوه
كان عبدالرحمن ينتظر هذا السؤال منذ بداية جلسة التحقيق، لأنه كان المدخل
لأن يقدم للمحقق صورة من تقرير قدمه جهاز مباحث أمن الدولة إلى حبيب
العادلى فى 18 يناير الماضى، يتكون من 12 صفحة ويتضمن تحليلا للأحداث التى
دفعت إلى نجاح الثورة التونسية وانعكاسها على أرض الواقع فى مصر، حيث فى
أنه حذر وزارة الداخلية وأبرأ ذمته من الأحوال السيئة التى تعانى منها
البلاد وقدم معلومات فى ضوء عمله.
مراوغة وذكاء المحقق المستشار أحمد حسين كانت أبعد من ذلك، فلم يقف على
التفاصيل الداخلية للتقرير وما يتضمن من عبارات إنشاء بقدر ما وقف على رد
حبيب العادلى والقيادة السياسية عليه وسأل المحقق قائلاً: «كيف تعامل وزير
الداخلية حبيب العادلى مع هذا التقرير؟،فأجاب عبدالرحمن: أخطرنى شفاهة أنه
عرض هذا التقرير على القيادة السياسية».
لم يقف المحقق عند ذلك بل تطرق فى سؤال حسن عبدالرحمن عن لغة حبيب العادلى
التى استخدمها فى التوقيع وتحديداً العبارة التى استخدمها وهى «شل فاعلية
القوى فى التوقيت المناسب بالتنسيق مع الأجهزة الأخرى».
وهنا رد عبدالرحمن بإجابة تتضمن معلومات هامة بشأن علاقات جهاز أمن الدولة
ببعض القوى السياسية الشرعية، حيث قال: إننا سننسق مع هذه القوى لعدم
المشاركة فى المظاهرات المختلفة.
انتقل المحقق بعد ذلك إلى معرفة الجانب
السياسى للتقرير ورد القيادة السياسية عليه، حيث سأل: هل تم عرض هذا
التقرير على القيادة السياسية؟ وما هو رد فعل القيادة السياسية إزاء هذا
التقرير؟
ج: هو قال لى إنه عرض هذا التقرير على القيادة السياسية بس أنا معرفش إذا
كانت القيادة السياسية أعطت توجيهات له أم لا، لكن المؤكد أنه لم تصدر أى
توجيهات تتعلق بالجهاز وإلا كنت أخطرت بها.
س: وهل تم عرض تقرير آخر لاحق على هذا التقرير من جهاز مباحث أمن الدولة؟
ج: هذا التقرير كان بتاريخ 18 يناير أى قبل الأحداث مباشرة ولم يكن هناك
تقرير آخر ولكن كان هناك إخطارات عما يتم رصده من تطورات للأوضاع قبل وخلال
التظاهرات.
س: وما هو المقصود بالكيانات السياسية والقوى غير الشرعية؟
ج: الحركات مثل كفاية، و6 أبريل، والجمعية الوطنية للتغيير، وبالنسبة للقوى غير الشرعية يقصد بها جماعة الإخوان المسلمين.
بدأ المحقق يتعمق فى الأسئلة المتعلقة بمظاهرة 25 يناير سواء بالدعوة إليها
أو القائمين على نشرها، وكذلك المعلومات الأولية التى جمعها جهاز أمن
الدولة وطبيعة تلك المعلومات، وهل كانت قد حددت الأعداد الحقيقية أم لا؟
س: وهل رصد الجهاز طبيعة تلك التظاهرات والقائمين بها؟
ج: هو الجهاز رصد إن فيه دعوة على الفيس بوك وشبكة المعلومات الدولية
للتظاهر يوم 25 يناير، والذى أسس الموقع هو أحد النشطاء السياسيين ويدعى
وائل غنيم.
س: وهل وجدت هذه الدعوى صدى من القوى السياسية المختلفة؟
ج: أيوه.. أكدت التحريات هذا.
س: وهل أسفرت تلك التحريات عن طبيعة وأسباب التظاهر؟
ج: هى التحريات رصدت أن المطالبات هى القضاء على الفساد، ومحاكمة الفاسدين، ورفع الحد الأدنى للأجور، وضبط الأسعار، ومكافحة.
س: ومتى تم عرض التحريات عن تلك التظاهرات على وزير الداخلية؟
ج: هو تم عمل تحريات وعرضها قبلها بعشرين يوما، وتحديدا منذ إطلاق الدعوة على الفيس بوك.
س: وهل رصدت تحريات الجهاز الأعداد التى من المتوقع أن تقوم بتلك التظاهرات؟
ج: هو التوقعات بالنسبة ليوم 25 كانت مشاركة حوالى خمسة آلاف شخص مع الأخذ
فى الاعتبار تزايد العدد فى ضوء استجابة القوى السياسية وجماعة الإخوان
المسلمين.
س: وهل توقعت التحريات أن تعم هذه المظاهرات جميع المحافظات أو توقعات بأعداد مليونية؟
ج: هى الدعوى على الإنترنت تضمنت ذلك وأكدت التحريات هذا وأن التظاهرات سوف
تشمل عدة محافظات، والتحريات أكدت أن التظاهرات يمكن أن تصل إلى حد الفوضى
ولكن لم تشر إلى أنها ستكون بأعداد مليونية.
س: وهل تعرضت تحريات جهاز أمن الدولة إلى قدرة جهاز الشرطة على التعامل مع هذه المظاهرات؟
ج: هو التوقعات كانت إن هذه التظاهرات سلمية لمدة يوم ولكن التطورات أدت إلى أنه كانت هناك دعوة يومية لاستمرارها.
س: وهل تم تصعيد تعامل الجهاز مع تلك التظاهرات فى ضوء تطور الأحداث خلال يومى 25، 26، 27، 28 يناير؟
ج: الجهاز كان يعرض فى الحال كل تطورات الموقف والدعوات المستقبلية للأيام التالية.
س: حدد لنا كيفية هذا تحديدًا؟
ج: يوم 25 يناير شهدت البلاد استجابة لدعوة العناصر على الإنترنت بتنظيم
وقفات ومسيرات تضمنت فى القاهرة دار القضاء العالى، والنقابات المهنية،
وبعض الميادين العامة مثل التحرير، ومصطفى محمود، وأمام دواوين المحافظات،
كما تضمنت مسيرات ووقفات مشابهة فى الأغلبية العظمى بمحافظات الجمهورية
تراوحت أعداد المتظاهرين على مدار اليوم ما بين 5 إلى 10 آلاف بمختلف
المواقع والمحافظات، وتم إصدار تقرير من الجهاز بما حدث، وتم رصد بعض
التحول من المظاهرات السلمية إلى العنف أدت إلى وفاة أحد المجندين، وتعاملت
قوات الأمن المركزى مع التظاهرة، وانفضت، وتم رصد هذا وأعددنا تقريرا
إخطارا كتابيا لوزير الداخلية بذلك، وقبل انفضاض المتظاهرين يوم 25 يناير،
ظهرت دعوة أخرى للتظاهر فى اليوم التالى، وتم رصد رسائل على الإنترنت
بأسلوب للتظاهر من خلال المناطق الشعبية والخروج منها والدعوة لاستمرار
التظاهرات لإنهاك قوات الشرطة، وفى هذا اليوم وفى يوم 26 يناير استمرت
المظاهرة بنفس النسق وأقل فيما عدا بعض المحافظات، خاصة محافظة السويس التى
شهدت بعض أعمال عنف وتخريب وفى نهاية اليوم، تمت الدعوة لمظاهرات محدودة
فى اليوم التالى، على أن يكون فى اليوم الرابع وهو يوم الجمعة التجمع
الأكبر بدعوة جمعة الغضب.
> تفاصيل أول اجتماع:توقف عبدالرحمن قليلاً فى غرفة التحقيق ليلتقط نفسه من جراء السرد المتواصل
للأيام الأولى للثورة التى كشفت ضعف جهازه، ليكشف بعدها عن تفاصيل أول
اجتماع بين وزير الداخلية وقيادات الوزارة عقب اندلاع المظاهرات، ويقول
عبدالرحمن فى يوم 27 يناير عقد وزير الداخلية اجتماعا فى مقر الوزارة حضره
قيادات الأمن العام، والأمن المركزى، ومساعد الوزير لمنطقة القاهرة، ومساعد
الوزير لمنطقة الجيزة، ومدير إدارة المتابعة بمكتب الوزير، حيث تم استعراض
ما حدث بالأيام السابقة، وأنا كنت حاضرا هذا الاجتماع، وكل مسؤول شرح
الوضع فى ضوء اختصاصه، وأنا عرضت الموقف ليوم الجمعة، وقلت إن المظاهرات
هتكون حاشدة، وأنه تأكد مشاركة عناصر جماعة الإخوان المسلمين فى هذه
المظاهرة، وطلبت ضرورة التنسيق مع اتحاد الكرة لإلغاء المباريات التى كان
مقررا لعبها فى ذات اليوم لاستغلال قوات الأمن التى تشارك فى حفظ النظام فى
هذه المباريات.
ويكمل عبدالرحمن: المظاهرات بدأت فى هذا اليوم فى بعض المواقع حتى صباح
اليوم التالى واتسم بعضها بأعمال تخريبية، وأنا عرضت وجهة نظرى هذه فى
الاجتماع، وهى أن يوم الجمعة سوف تكون مظاهرات حاشدة، وأنها تلقى دعما من
أصحاب المشاكل والفئات الدنيا، خاصة أن الأيام السابقة شهدت حالات وفيات،
ويضيف عبدالرحمن أن وزير الداخلية بدأ ينسق مع مساعديه لإعادة تنسيق القوات
لإحكام السيطرة وعدم تفاقم الموقف، خاصة أن المظاهرات كانت من المخطط أنها
تبدأ بعد صلاة الجمعة من جميع المساجد، ومن المناطق الشعبية وأنه كانت
توجد دعوة على الإنترنت لتشتيت جهود قوات الشرطة من خلال تعدد أماكن
المظاهرات واستمرارها لأوقات متأخرة لإنهاك القوات.
وعن يوم الجمعة يقول عبدالرحمن: تصاعدت الأحداث خاصة فى محافظتى السويس
والإسكندرية، بالإضافة إلى القاهرة واتصلت بالوزير هاتفيا الساعة 11 صباحا
وأبلغته بأن الموقف أصبح من الصعب السيطرة عليه، وطلبت ضرورة تدخل القوات
المسلحة بالنسبة للسويس والإسكندرية، والاستعداد للتدخل فى القاهرة إذا ما
تطورت الأوضاع لتشمل محافظة القاهرة، والوزير أبلغنى فى الهاتف أنه بيبلغ
القيادة السياسية بذلك وبعد صلاة الجمعة بنصف ساعة أبلغته بأن الأمور فى
القاهرة تتصاعد بشكل قوى جدا وأن الأمر يتطلب تدخل القوات المسلحة، وهو قال
لى إنه بلغ القيادة السياسية وبالفعل بدأت القوات المسلحة فى النزول
للشارع، وتواجدها لم يظهر بوضوح إلا فى اليوم التالى، وبعدين التظاهرات
اللى فى القاهرة والجيزة تجمعت كلها فى ميدان التحرير، وبدأ فيه تعدى على
قوات الأمن، والشرطة تفتت وفقدت الربط والاتصال ببعضها البعض، وفى نفس
الوقت بدأ يبقى فى هجوم على أقسام الشرطة، وبدأ يبقى فيه عناصر إجرامية
تتعدى على البيوت والممتلكات الخاصة بما ساهم فى لجوء العديد من الضباط
للانصراف من أماكنهم للاطمئنان على أسرهم.
على الرغم من كل التفاصيل التى ذكرها الرئيس السابق لجهاز مباحث أمن الدولة
فإنها تحتاج العديد من التوضيح والتفسير والتعليل، وهو ما استدعى المحقق
لتوجيه عدة أسئلة عن دور المعلومات الواردة من الجهاز فى فشل الأمن السيطرة
على المظاهرات..
س: هل أبلغت وزير الداخلية اللواء حبيب
العادلى خلال أيام التظاهرات بعجز قوات الشرطة عن التعامل مع التظاهرات فى
ضوء المعلومات التى جمعتها؟
ج: أنا شرحت له حجم المخاطر ومعه قائد الأمن المركزى وهما الأقدر على تحديد مقاومتهم وقدرتهم على المواجهة.
س: وهل المعلومات التى قام الجهاز بجمعها تشير إلى خروج الأمر عن نطاق سيطرة الشرطة؟
ج: أيوه، وعرضت ذلك على الوزير.
س: ومتى كان ذلك؟ وكيف؟
ج: يوم الجمعة الموافق 28 يناير وكان تليفونيا بأننى اتصلت به فى مكتبه فى مبنى وزارة الداخلية بلاظوغلى.
س: تصاعدت الأحداث فى التظاهرات فى بعض المحافظات كمحافظة السويس بدءا من يوم 26 يناير، فكيف قام الجهاز بالتعامل مع هذه المظاهرات؟
ج: أنا أخطرت الوزير هاتفيًا وقلت له إن الأحداث متصاعدة جدا فى السويس
خاصة لوقوع ضحايا، وأن القوات المتواجدة هناك غير كافية، وأعتقد أنه نسق مع
الأمن المركزى ليدعم محافظة السويس.
س: وهل كان هذا من وجهة نظرك حلاً مناسبًا؟
ج: هو نظرا لأن المظاهرات فى محافظة السويس شهدت وجود بعض العناصر
الإجرامية التى تهدف إلى التخريب والاعتداء على المنشآت وحرق المصالح
العامة والتعدى على الشرطة فكان يتعين استمرار التعامل معها أمنيًا.
س: وما هو تعليلك لوقوع عدد من القتلى
بمحافظة السويس بالرصاص الحى، ووقوع العديد من القتلى فى عدة محافظات بذات
الأسلوب بطلقات الرصاص الحية؟
ج: هو ممكن يكون تعامل الضباط مع المتظاهرين من تلقاء نفسهم ويكون هذا للدفاع الشرعى بسبب الاعتداء عليهم من المتظاهرين.
س: ما قولك فيما ورد بأقوال العميد محمد
عبدالباسط مسؤول التنظيمات السرية بجهاز أمن الدولة والذى قرر أن تقديرات
جهاز أمن الدولة لتظاهرات 25 يناير تصل من 10 إلى 20 ألفا بمشاركة بعض
الحركات الاحتجاجية، ولكن مع قدرة جهاز الشرطة مع التعامل معها والحفاظ على
الأمن ومواجهة أى أعمال شغب أو إتلاف للممتلكات العامة؟
ج: هو هذا الكلام ينطبق على يوم 25 يناير فقط، وفعلا جهاز الشرطة قادر على
أنه يتعامل مع الأحداث، وكان العميد محمد يقصد أن جهاز الشرطة يمكنه الحفاظ
على الأمن ومواجهة أعمال الشغب.. وده اللى حصل فعلا يوم 25 يناير.
س: وهل تم رصد هذه المشاركة الشعبية من قبل جهاز أمن الدولة؟
ج: الاستجابة الشعبية كانت حالة لحظية غير معدة أو مرتبة، ولكن مؤشراتها كنت أشرت إليها فى التقرير اللى أنا قدمته.
س: وهل تم رصد دخول عناصر «حزب الله» و«حماس» إلى البلاد؟
ج: لا.
س: وبماذا تعلل ذلك؟
ج: إحنا عندنا مشكلة فى منطقة سيناء تتمثل فى وجود أنفاق بين منطقة رفح
وغزة الفلسطينية وهذه الأنفاق تسمح بالدخول والخروج خلسة دون رصد أمنى،
ويؤكد ذلك أن أحد الهاربين من السجون وهو فلسطينى الجنسية ظهر على شاشات
التليفزيون فى غزة بعد حوالى 7 ساعات من هروبه من السجن.
س: وهل يعنى ذلك وجود خلل وقصور بجهاز أمن الدولة؟
ج: لم يتمكن لنا الوصول للمعلومة وهذا ليس مسؤولية أمن الدولة وحده، ولكن مسؤولية الأمن الأخرى مثل الأمن القومى والمخابرات الحربية.
س: هل كان يتواجد ثمة أعداد من ضباط وأفراد مباحث أمن الدولة فى ميدان التحرير ومحيطة على مدى أيام المظاهرات؟
ج: هو أكيد كان فيه ضباط وأفراد من مباحث أمن الدولة فى محيط الميدان.
س: ما قولك فيما قرره العميد محمد
عبدالباسط من عدم تواجد أى ضباط من أمن الدولة فى ميدان التحرير أو محيطه،
وأن الضباط كانوا موجودين فى مكاتبهم؟
ج: هو المسؤول عن ذلك مدير فرع مباحث أمن الدولة بالقاهرة، وهو يسأل عن ذلك.
س: ما قولك وقد عزوا الانهيار الأمنى إلى
عدم دقة المعلومات الواردة من جهاز أمن الدولة عن أعداد المتظاهرين وأسباب
التظاهر وحقيقة مطالب المتظاهرين، وأن التسلسل المنطقى للأحداث كان يؤكد
تضاعف تلك الأعداد؟
ج: هما ميعرفوش إيه المعلومات اللى عندى وأيه المعلومات اللى عرضتها.
س: وما هى آخر التوصيات والقرارات التى أبلغكم بها وزير الداخلية يوم 28 يناير فى ظل تدهور الأحداث؟
ج: هو طلب من القيادة السياسية مساعدة القوات المسلحة.
س: ولماذا لم يقم بهذا الطلب قبل تأزم الموقف وتدهور الوضع الأمنى؟
ج: هو أخذ المعلومات منى وهو له تقييم الوضع وإصدار القرار.
س: ومتى أخطر الوزير القيادة السياسية بضرورة طلب مساعدة من القوات المسلحة؟
ج: معرفش.
أغلق المحقق محضر التحقيق الأول مع حسن عبدالرحمن الرئيس السابق لجهاز
مباحث أمن الدولة واتخذ عددا من القرارات فى ضوء التحقيق من بينها استدعاء
اللواء شريف جلال مدير إدارة التنظيمات السياسية، واللواء طارق عطية رئيس
الإدارة المركزية للنشاط المحلى، وهما اللذان توليا إجراء التحريات وجمع
المعلومات بشأن مظاهرات 25 يناير.
> التحقيق الثانى11 يوماً كاملة قضاها حسن عبدالرحمن للمرة
الأولى فى الحبس الاحتياطى إلى أن تم التحقيق معه مرة ثانية فى الثامنة من
مساء 21 مارس الماضى بمقر نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس وسؤاله
فى عدد من النقاط الجوهرية عن أداء الشرطة فى ضوء معلومات أمن الدولة، حيث
سأله المحقق أنه ورد بأقوالك من أن التقارير التى يعدها جهاز مباحث أمن
الدولة بشأن التظاهرات تتضمن مدى قدرة جهاز الشرطة على التعامل مع
المظاهرات فهل حددت ذلك فى التقارير التى عرضت على وزير الداخلية أم لا؟
ج: أنا ماقلتش كده وتقدير قدرة جهاز الشرطة على التعامل مع المظاهرات ليس
من اختصاصى، وإنما من اختصاص وزير الداخلية مع التنسيق مع مساعديه
المسؤولين عن جهاز الشرطة.
س: ورد بأقوالك أيضًا أن التقارير التى يعدها الجهاز تتضمن التوقع بالمدى الذى ستصل إليه المظاهرات.. فهل تم ذلك؟
ج: إحنا لما الجهاز عمل التحريات وأسفرت عن أن التظاهرات يوم 25 يناير
ستكون بأعداد كبيرة وتزايدت فى يوم 28 يناير أعداد غير متوقعة، ولكن
تقاريرى تضمنت أن هذه المظاهرات قد تؤدى إلى فوضى ومشاركة عناصر من
البلطجية والتعدى على المنشآت العامة والممتلكات الخاصة، وده موجود فى
المذكرة التى تقدمت بها فى المرة السابقة للنيابة.
س: وهل يعنى ذلك أن الجهاز لم يرصد طبيعة التظاهرات، واحتمال تطورها لتصبح ثورة شعبية؟
ج: معلوماتنا لم تصل لأنها ستكون ثورة شعبية.
س: وما الذى حال دون رصد ذلك؟
ج: لأن اللى حصل كان ردود فعل تلقائية نتيجة عدم استجابة القيادة السياسية
لمطالب المتظاهرين، وعدم وجود أى تحرك سياسى بتهدئة هذه الثورة، وبالتالى
لاقت استجابة واسعة من فئات الشعب التى لها مطالب مختلفة.
س: ما قولك فيما قرر اللواء عاطف أبوشادى من أن المسؤول عن الإخطار للمعلومات بشأن اقتحام السجون هو فرع أمن الدولة بسيناء؟
ج: هو المفروض يرصد هذه المعلومات إذا كان هناك تسلل هو فرع أمن الدولة بسيناء والقوات المسلحة أيضاً الممثلة فى قوات حرس الحدود.
س: من الذى حضر الاجتماع الذى تم يوم 27 يناير 2011 بمقر وزارة الداخلية؟
ج: اللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة، واللواء عدلى فايد مدير الأمن
العام، واللواء أحمد رمزى مدير الأمن المركزى، واللواء أسامة المراسى مدير
أمن الجيزة، برئاسة وزير الداخلية ومدير مكتب المتابعة بمكتبه اللواء أحمد
أبوالسعود.
س: وهل صدرت منك أى توصيات فى الاجتماع الذى عقد يوم 27 يناير 2011؟
ج: أنا قلت إن التظاهرات يوم 28 يناير أعدادها هتزيد وستنطلق من مواقع
مختلفة وسيكون هدفها الرئيسى إنهاك القوات وتشتيتها وهذا الاجتماع كان
استكمالا للاجتماع اللى كان يوم 24 يناير.
س: وما هو رد فعل الوزير إيزاء ذلك العرض؟ وما صدر عنه من قرارات فى هذا الشأن؟
ج: هو نسق مع المساعدين المختصين ومديرى أمن القاهرة والجيزة على متابعة
هذه التظاهرات والعمل على عدم خروج أى عنصر فيها على القانون.
س: وما هو تعليلك وقد حدث تعامل فعلياً من قوات الشرطة مع المتظاهرين يوم 28 يناير 2011؟
ج: أنا معرفش لكن أكيد حصل بعض التجاوزات من المتظاهرين أو عناصر مندسة بينهم بما دفع الشرطة إلى التعامل معهم.
س: ورد بأقوالك بالتحقيقات أن الاستجابة
للمشاركة الشعبية فى المظاهرات كانت لحظية.. فهل يعنى ذلك عدم رصدها بدقة
من قبل الجهاز وبالتالى إخطار القيادة السياسية بها مما نجم عنه تفاقم
الوضع الأمنى بالبلاد؟
ج: هو الجهاز رصد أن هناك تصعيدا من جماعة الإخوان، وقلنا إن مشاركتهم يوم
25 يناير هتكون اختيارية وإذا ما استشعروا النجاح فسيدفعون بباقى عناصرهم
ومؤيديهم للمشاركة فى التظاهرات، وهذه المشاركة لاقت استجابة شعبية كاسحة
نتيجة الإحساس ببعض السلبيات السياسية والفساد الاقتصادى، وأنا قلت فى
تقريرى إن الإحداث سوف تصل إلى حالة الفوضى وتخرج عن نطاق السيطرة.
انتهى المحقق من توجيه أسئلة بشأن جمع المعلومات وطبيعة عمل الجهاز فى ذلك،
غير أنه بدأ يستعلم عن أوامر إطلاق الرصاص الحى، وهل ما إذا كان رئيس
الجهاز لديه معلومات عن ذلك أم لا.
انتهى المحقق من توجيه أى أسئلة، ونظر إلى سكرتير التحقيق الذى يجلس بجانبه
فى إشارة إلى غلق ملف التحقيق، غير أن اللواء حسن عبدالرحمن طلب أن يدلى
بمعلومات هامة، وهى بحسب ما قال نصا: «أنا عاوز أقول إنى كنت أتابع تبادل
المعلومات بين الجهاز تحت رئاسة وإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، وهو
جهاز الأمن اللى بيتولى التنسيق مع جهازى فى هذه الأمور، ولم تتوقف
الاتصالات بيننا طوال فترة الأحداث، وكمان عايز أقول إن يوم الجمعة 28
يناير كنت بنسق مع مدير المخابرات الحربية والاستطلاع وباخطره بالمعلومات
التى تتوافر لدى الجهاز عن المخاطر التى تتعرض لها المنشآت الشرطية خاصة
السجون، وهذا بشأن الاتهام الذى وجهته إلى النيابة بعدم إطاعة أوامر رئيس
الجمهورية».
المعلومات التى أدلى بها اللواء حسن عبدالرحمن تطرح المئات من علامات
الاستفهام، فإذا كانت التهمة الأساسية الموجهة له هى جمع معلومات خاطئة،
فلماذا إذن كانت تلك المعلومات تتم بالتعاون مع المخابرات الحربية.
انتهت جلسة التحقيق وأمر المحقق بحبسه 15 يوما أخرى على ذمة التحقيق، مع إعادته إلى محبسه.
نص التقرير السرى الذى رفعه حسن عبدالرحمن إلى العادلى يحذر فيه من ثورة يناير قبل اندلاعها بـ7 أيامفى 18 يناير 2011 أى قبل الثورة المصرية بـ 7 أيام، أعد اللواء حسن
عبدالرحمن تقريرا رفعه إلى وزير الداخلية، يحذر فيه من أشياء كثيرة، كانت
سببا فى الثورة، ويستند عبدالرحمن على هذا التقرير فى نفى أى اتهامات له فى
قضية قتل المتظاهرين، و«اليوم السابع» تنشر نص التقرير كاملا الذى جاء فى
12 صفحة، متضمنا تداعيات نجاح الثورة التونسية، وانعكاس ذلك على الشارع،
خاصة مع التى انتشرت على مواقع الفيس بوك، والتى تدعو إلى تظاهرة أمام
وزارة الداخلية، فضلا عن تحليل الدوائر السياسية والإعلامية المصرية
والأجنبية، ومعطيات الموقف الداخلى بالبلاد والسيناريوهات المختلفة لإحداث
تحريك للشارع المصرى، وصولا إلى إثارة حالة من الفوضى، وما تتطلبه مقتضيات
حماية الأمن والاستقرار والحفاظ. بدأ التقرير برصد ردود فعل الثورة
التونسية على الدوائر السياسية والإعلامية المصرية، وأوضح التقرير أنه
بالرغم من خصوصية الحالة التونسية، واستبعاد تكرار ما حدث فى تونس بدول
عربية أخرى خاصة مصر للعديد من الاعتبارات، فإن القراءة الصحيحة لتوجهات
الأوضاع فى المنطقة، تنذر بمخاطر حقيقية يتعذر معها الجزم بأن أيا من الدول
العربية بمنأى عن الخطر، وذلك فى ظل عدد من المعطيات من بينها الانقسامات
التى يشهدها الوطن العربى، بداية من احتلال العراق، وانفصال جنوب السودان،
والأزمة الفلسطينية، ومظاهر عدم الاستقرار فى اليمن والأردن ولبنان.
واستند التقرير على آراء مراقبين ومحللين سياسيين، اعتبروا أن الوضع الراهن
فى مصر يحمل فى طياته مخاطر حقيقية، قد لا تصل تبعاتها إلى ما آلت إليه
الأوضاع بدولة تونس، إلا أنه لا يمكن إغفالها أو التهوين من احتمالات
تطورها على نحو مفاجئ، يتعذر معه بلورة رؤية واضحة لنتائجها، خاصة مع
معطيات الواقع المعيشى والتوتر الاجتماعى، والخروج على الشرعية، وزيادة
المطالب القبطية.
وأضاف التقرير أن الوضع فى مصر قد يقترب من تونس، بسبب زيادات الأسعار
المتتالية وارتفاع رسوم الخدمات، ووقوع تجاوزات من قبل رجال الإدارات
المحلية تجاه المواطنين، فضلاً عن تبنى العناصر «المدعومة خارجياً»
بالتحالف مع كيانات وقوى غير شرعية مثل الدكتور محمد البرادعى، وجماعة
الإخوان المحظورة فى الدعوة لتنظيم مسيرة سلمية حاشدة، بحجة التنديد بتزوير
انتخابات مجلس الشعب السابقة، والمطالبة بحل البرلمان.
وحدد تقرير أمن الدولة عددا من التوصيات للخروج من ذلك، ولكى لا يتكرر
المشهد التونسى فى مصر، وتتنوع تلك التوصيات فى المجالات المختلفة، فعلى
الصعيد الاقتصادى والاجتماعى يتطلب الأمر التوقف مرحلياً عن اتخاذ أى إجراء
أو خطورة من شأنها فرض أعباء جديدة على المواطنين، سواء فى مجال أسعار
السلع والمواد الغذائية، أو رسوم الخدمات مع تنشيط آلية الرقابة على
الأسواق، لإحكام السيطرة على حركة الأسعار، والحيلولة دون حدوث أية زيادات
جديدة وفى مقدمتها المواد الغذائية، والطاقة خاصة البنزين، وكذلك ضرورة أن
تدرس الحكومة بشكل جاد زيادة الأجور والمرتبات، أو منح تيسيرات فى مجال
سداد رسوم الخدمات الحيوية والضرائب مع تنشيط الأجهزة الرقابية بالدولة من
دورها لحماية المال العام، والتصدى لمحاولات الاستيلاء على أراضى الدولة،
أو التحايل على القوانين لتحقيق مكاسب طائلة على حساب مصالح الغالبية.
أما على الصعيد السياسى، فقد أوصى التقرير بطرح بعض المثقفين رؤية لامتصاص
مظاهر التوتر الطائفى، وإشاعة مناخ من التفاؤل تجاه ملامح الأوضاع الحزبية
والسياسية، والتركيز على الإسراع فى مناقشة قانون بناء دور العبادة الموحد،
ودراسة تنفيذ عدد من الأحكام القضائية الخاصة ببطلان الانتخابات
البرلمانية ببعض الدوائر، للدفع بعناصر جديدة من المعارضة لدخول البرلمان،
لتعضيد مظاهر تواجد المعارضة به، والحرص على القضاء على أية شائعات
للحيلولة دون استغلالها فى الإثارة والتصعيد جماهيرياً.
الجانب الأهم فى التوصيات السياسية، هو بحث عقد مؤتمر عام تشارك فيه جميع
الأحزاب القائمة، ويدرج على جدول أعماله الملفات الهامة مثل: «سبل إصلاح
منظومة التعليم، والنهوض بمستوى الرعاية الصحية - مشكلات الأقباط -
التداعيات المحتملة لانفصال جنوب السودان - مشكلة مياه النيل»، وكذلك دراسة
تعيين نائب لرئيس الجمهورية، باعتبار أن تلك الخطوة فى هذا التوقيت تهدئ
من مخاوف الكثيرين على مستقبل الأوضاع بالبلاد، وتصادر التكهنات والتوقعات
التى تجنح إلى الرهان على قرب حدوث فراغ سياسى، أو تروج لإصرار النظام على
توريث الحكم، بهدف التحريض عليه ومحاولة النيل منه.
تلك المذكرة رفعها حبيب العادلى إلى القيادة السياسية على اعتبار أنها
معلومات هامة عن الوضع فى مصر، وتتضمن أيضاً حلولا جوهرية، أو إن جاز
التعبير «خبيثة» من جهاز أمنى متشعب هو جهاز أمن الدولة، غير أن القيادة
السياسية لم ترد على العادلى، وتعاملت مع ثورة تونس كأنها ثورة عابرة، ولم
يمر أكثر من 7 أيام حتى انتفض الشعب المصرى، وصنع ثورته، وحقق إنجازات
حقيقية، وتغييرات جذرية فى الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية، وتغييرات
أخرى فى معايير الشفافية والنزاهة بفارق كبير عن التوصيات الوهمية المزيفة
التى أوصى بها حسن عبدالرحمن.