يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102 آل عمران
سألت نفسي سؤلا.. كيف تكون حق تقوى الله ؟ ؟؟؟
بدر إلى ذهني أن أضرب مثلا لنقرب المسألة إلى أذهاننا.. ولله المثل الأعلى..مثلا قرأت في الجريدة أن هناك منزلا للإيجار { إذا فقد علمت يقينا أن هناك منزل للإيجار } ..وهذا ما يسمى علم اليقين .. ثم بعد ذلك ذهبت لأرى ذلك المنزل، وقد رأيته,{{ هذا يسمى عين اليقين }} .. ثم بعد ذلك قمت باستئجار المنزل وأقمت فيه ..{{ هذا يسمى حق اليقين }} .. ولكي يتأكد المعنى أقرأ إن شئت قول الحق تبارك وتعالى:
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7)
علم اليقين هو أن نعلم يقينا بما قد علمنا بوجود الجحيم. وسنتحقق من وجودها ونراها رأي العين يوم القيامة.
والآن ماذا عن حق اليقين ؟؟
نرى الإجابة واضحة في آخر سورة الواقعة:
فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95)
إذا حق تقوى الله عز وجل أن تتقي الله حيثما كنت، بحيث تكون تقواك حصن يغلف كل شيء فيك.. أفكارك.. أفعالك.. كلماتك..ومشاعرك.. واسمع معي رحمك الله ما قاله المولى عز وجل عن التقوى:
يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)
{{ لباس التقوى ذلك خير }} وكأن التقوى زى أو حلة يضعها المؤمن فتستره وتميزه وتجعله كالمصباح المنير .. أو كالذي قال الله سبحانه وتعالى فيه:
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) فصلت
وقد ربط المولى عز وجل القول بالتقوى في أكثر من موضع:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) الأحزاب
والآن نعود إلى المقطع الأخير من الآية الكريمة، فإني أراها في غاية الخطورة.. وعلى كل مسلم يريد النجاة والفوز برضي الله أن يستمع إلى نداء ربه ويعمل جاهدا على تنفيذه.. فقد أمرنا المولى عز وجل في نداءه يا أيها الذين آمنوا: أمران.. الأول أن نتقي الله حق تقاته، والثاني ألا نموت إلا ونحن مسلمون..وهنا يأتي سؤلا في غاية الأهمية ألا وهو: كيف أن الله سبحانه وتعالى قد أثبت الإيمان بندائه يا أيها الذين آمنوا ثم يطلب منا إلا نموت إلا ونحن مسلمون؟.. وفي هذا تحدث فضيلة الدكتور محمد هداية .. قال إنها مراحل خمسة:
1. إسلام الشهادة.
2. الإيمان.
3. التقوى.
4. الإحسان.
5. ثم إسلام الوجه لله سبحانه وتعالى.
إذا فعلينا أن نحرص كل الحرص على أن لا نموت إلا ونحن مسلمون.. لقد أضناني التفكير في تلك الآية الكريمة.. وقفز إلى ذهني سؤال: هل هذه الآية الكريمة هي التي جعلت احد الصحابة الكرام يقول: كنت إذا أصبحت فلا أنتظر المساء.. وقال آخر: كنت إذا خطوت الخطوة لا أنتظر أن أخطو الثانية .. كانوا يعلمون أن الموت في انتظارهم، سيفاجئهم في أية لحظة.. وهذا هو التحذير الذي نجده بوضوح في الآية الكريمة:
وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
هذه الآية الكريمة جعلتني أتخيل نفسي وقد حبسني الموت في غرفة مغلقة، وأمرني أن أقوم بعمل معين دون انقطاع..فكنت كلما حدثتني نفسي بفعل شيء مما تهوى، تذكرت أن الموت سيأتي في أية لحظة، وتذكرت أن الله سبحانه وتعالى قد خلق الموت قبل الحياة.. وها هو يحذرنا بأن لا نموت إلا ونحن مسلمون.. وقد قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : أن من مات على شيء بعث عليه..
وهكذا أحبتي في الله لم أجد بدا من أن انسجم مع أمر الله.. بالطاعات حتى أكون مستعدا للموت في أية لحظة.. فالموت يعني شيئا واحدا وهو أنه قد حان وقت الحساب .. وفي الامتحان يكرم المرء أو يهان.
وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
وهكذا انصح نفسي وإياكم بأنه قد وجب علينا أن ننتظر الموت في آية لحظة.. قبل أن تغضب فكر أن الموت قد يأتيك الآن وأنت غاضب، وقبل أن تنسى ذكر الله، فكر أنه قد يأتيك الآن وأنت غافل..
وهنا اسمحوا لي أن أسأل نفسي سؤالا بصوت عالي..
هل نجحت في تطبيق شرط لا إله إلا الله ؟؟
أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
هل أحببت الله وحده؟؟ أم أشركت في حبه كل ما رأيت واشتهيت ؟؟
هل آمنت بملائكته ؟؟ فماذا تعرف عنهم ؟؟ وهل احترمت وجودهم معك أينما كنت؟؟
هل آمنت بكتبه؟؟ فاستخلصت لنفسك ما جاء فيها من نور إلهي؟؟
هل آمنت برسله ؟؟ فعرفتهم؟؟ وقرأت قصصهم؟؟ واتعظت بعبرهم ؟؟
هل أمنت باليوم الآخر؟؟ وماذا أعددت له ؟؟
هل آمنت بقضائه وقدره ؟؟ فرضيت ولم تعترض أو تتذمر أو تشكو لغير الله ؟؟
حاسبوا أنفسك قبل أن تحاسبوا
وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم