الاسم بالكامل هشام علي عشماوى مسعد إبراهيم، أما الأسماء الحركية فـ«شريف»، و«أبومهند»، والعمر- وفق أوراقه الموجودة فى قضية تنظيم أنصار بيت المقدس الكبرى- 34 عامًا، ومحل السكن البلوك رقم 9 عمارة 18 شارع علي عشماوى بالمنطقة العاشرة فى حى مدينة نصر، والوظيفة ضابط سابق بالقوات المسلحة.
اسم «هشام» هو التاسع بين 200 متهم محالين إلى المحاكمة الجنائية فى قضية «أنصار بيت المقدس»، لاتهامهم بتنفيذ 52 عملية إرهابية، حيث تولى مع المتهم العاشر عماد الدين أحمد محمود عبدالحميد، مسئولية التدريب العسكرى لأعضاء التنظيم.
روايتان بين يدىّ لخروج هشام عشماوى من الجيش، الأولى تبدأ القصة من التفات الأجهزة المختصة بمتابعة عناصر القوات المسلحة إلى ضابط الصاعقة عندما وبخ قارئ القرآن فى أحد المساجد التى كان يصلى بها، لأنه أخطأ فى التلاوة.
ثارت شبهات حول «هشام»، ووضع تحت المتابعة من قبل المخابرات الحربية، فجرى التحقيق معه على خلفية واقعة توبيخ قارئ القرآن، ونقل على إثر ذلك إلى أعمال إدارية داخل الجيش.
وفق هذه الرواية فقد استمر فى نشر أفكاره المتشددة من خلال عقد لقاءات مع الضباط والجنود، وتوزيع كتب للفكر الجهادى سرًا، وأخذ فى ترديد عبارات مخالفة لتقاليد المؤسسة العسكرية مثل «التحية والسلام لله فقط»، و«الحكام فى أى بلد كفرة».
جرى تحذيره من ترديد هذه التعبيرات غير أنه لم ينصع، فحوكم عسكريًا فى عام 2007، قبل أن يستبعد من الجيش في عام 2011 بحكم من القضاء العسكرى.
بعد فصله من القوات المسلحة عمل فى الاستيراد والتصدير، وخلال هذه الفترة بدأ لقاء مجموعة من معتنقى «الفكر الجهادى» فى مسجد بحى المطرية، ثم انتقل نشاطه إلى مدينة نصر، حيث استغل مسجدًا بناه والده فى لقاء عدد من العناصر التكفيرية، فشكل «خلية إرهابية» تابعة لتنظيم أنصار بيت المقدس، وكانت مهمته مع عماد عبدالحميد الإشراف على لجنة التدريب العسكرى.
انتهت الرواية الأولى إلى هنا.
الرواية الثانية وتبنتها مصادر أمنية تقول: إن «هشام» تعرض لأزمة نفسية بعد وفاة والده، حيث كان يعمل فى سيناء وقتها ولم يستطع العودة إلى القاهرة لرؤيته، فأصيب بـ«اكتئاب».
من هذه النقطة دخل «مساحة التشدد»، فتعرف على إسلاميين متشددين، حاولوا إقناعه بأن عمله فى سيناء حال بينه وبين رؤية أبيه، وأن إهماله كان السبب فى الوفاة، فكره العمل، وبعد أن انكشف أمر علاقته بالمتشددين فصل من الجيش، وذلك فى عام 2009.
بحسب هذه الرواية فإن «هشام» شكل «خلية إرهابية» تضم مجموعة من «التكفيريين»، بينهم 4 ضباط شرطة مفصولين من الخدمة.
فى «مساحة التواريخ» أيضًا كان لافتًا بالنسبة لى أن تتحدث كل التقارير المنشورة حول هشام عشماوى عن انضمامه إلى القوات الخاصة كفرد تأمين عام 1996، ووفق هذا التاريخ يكون قد انضم للصاعقة وعمره 15 عامًا، وهى سن غير معقولة.
فى البحث عن توقيت خروج «هشام» من الجيش يقدم أحمد صقر روايتين مختلفتين، الأولى تذهب إلى فصله من الخدمة عام 2012.
استند «صقر» فى هذه الراوية إلى شهادة زوجة هشام عشماوى، السيدة نسرين حسن سيد علي، المدرس المساعد بكلية البنات جامعة عين شمس، فى تحقيقات النيابة بقضية «أنصار بيت المقدس».
شهدت «نسرين» وهى الشاهدة رقم 54 فى القضية، باستمرار زوجها فى عمله إلى أن أنهيت خدمته عام 2012.
الرواية الثانية وبها جانب من المفاجأة تقول: إن «هشام» لم يفصل بل ترك هو الجيش، بعد استبعاده من «الصاعقة» وتحويله إلى قوات الدفاع الشعبى، حتى يراجع أفكاره التى كانت سببًا فى إخراجه من منظومة الصاعقة.
من بين أبرز المعلومات الموجودة في بحث «صقر» كان الحديث عن فترة وجود هشام عشماوي فى القوات المسلحة.
يقول: «كان ضابطًا نابهًا حل فى المقدمة دائمًا بدءًا من فرقة الصاعقة الأساسية فى الكلية الحربية حتى فرق التدريب الاحترافى فى الولايات المتحدة الأمريكية بشهادة زملائه عن نبوغه».
انطلاقًا من مهاراته العسكرية الواسعة يحتفظ «هشام» بـ«مهارات أسطورية فى التنكر، حيث تمكن من الهروب والاختباء من مطاردة 3 أجهزة أمنية».
أراد «صقر» أن يورد دليلًا على «المهارات الأسطورية» لهشام عشماوى، فذكر أنه سمع من ضابط شرطة لا يزال فى الخدمة بمديرية شمال سيناء أن «هشام تنكر فى شكل كوميدينو، حيث كان بجواره (الضباط) دون أن يدرى».
ارتبط اسم هشام عشماوى بعدد من أكبر العمليات الإرهابية التى شهدتها البلاد بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى.
ظهر اسمه لأول مرة بعد مذبحة كمين الفرافرة التى وقعت فى 19 يوليو 2014، حيث ذكرت التحقيقات أنه أحد منفذى العملية، التى أسفرت عن استشهاد 22 مجندًا بالقوات المسلحة، فى «كرم القواديس» كان حاضرًا، فقاد العملية هو وصديقه المقرب عماد عبدالحميد، الضابط المفصول من القوات المسلحة برتبة «رائد»، ومن «كرم القواديس» إلى محاولة اغتيال وزير الداخلية، اللواء محمد إبراهيم، فى 5 سبتمبر 2013، إذ تذكر التحقيقات أن «هشام» تولى عملية رصد تحركات الوزير بالتنسيق مع المنفذين للعملية عماد عبدالحميد، ووليد بدر الذى استقل السيارة المفخخة.
ويكشف البحث أن عماد عبدالحميد بات فى منزل هشام عشماوى بمدينة نصر ليلة تنفيذ العملية.
ولم يكن «المقنّع» بعيدًا عن حادث اغتيال النائب العام، المستشار هشام بركات، حيث يذهب «صقر» إلى أنه «خطط بنجاح لتفجير موكب النائب العام على بعد خطوات من سور الكلية التى تعلم فيها معانى الانضباط والعسكرية».
ويكشف أن «هشام هو من قاد السيارة الاسبرانزا المفخخة متنكرًا ليركنها (صف ثانى) فى مسار الموكب قبل التفجير بدقائق».
دخل «صقر» فى بحثه إلى «منطقة ساخنة» محاولًا جمع الخيوط حول تحركات هشام عشماوى، ورجاله المقربين.
فى 27 أبريل عام 2013 سافر إلى تركيا عبر ميناء القاهرة الجوى، ومنها تسلل إلى سوريا، وهناك انضم لمجموعات تقاتل ضد نظام بشار الأسد.
عاد إلى مصر بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى، وشارك فى اعتصام رابعة العدوية، ثم سافر إلى درنة الليبية، وتدرب فى معسكرات تنظيم القاعدة هناك، بإشراف عبدالباسط عزوز، مستشار أيمن الظواهرى، زعيم تنظيم القاعدة.
كانت ليبيا هى المحطة الأهم فى مسيرة «هشام»، حيث يذهب «صقر» إلى أنه «ينشئ جيشه فى معسكرات درنة استعدادًا لاجتياح البوابة الغربية لحدود مصر»، وهناك أيضًا كان يتلقى العلاج بعد أن استدعت إصابة سفره.
ماذا عن رجاله؟
تظهر هنا 3 أسماء لضباط سابقين متورطين فى عمليات إرهابية وهم: رامى الملاح، ووليد بدر (قتل فى حادث اغتيال وزير الداخلية)، وعماد عبدالحميد.
حكاية غامضة أخرى ساقها البحث حول «سمكرى ماهر» من منطقة المرج، شارك فى مذبحة الفرافرة، وتمكن من النجاة فى عملية المداهمة التى تلت الهجوم على كتيبة الصاعقة فى طريق السخنة.
شارك السمكرى- الذى لم يذكر اسمه بالبحث- فى تنفيذ «مذبحة كرم القواديس»، وهو من المقربين بشدة لـ«هشام».
حكاية أخرى أكثر غموضًا تتحدث عن هشام عشماوى الذي كان موجوداً فى منطقة عرب شركس، غير أنه هرب قبل المداهمة بساعات كاملة بعد تلقيه معلومات حول «هجوم محتمل».
حمل التسجيل الصوتى لهشام عشماوى مجموعة من الرسائل أراد «المقنع» أن يوجهها، الأولى تعلقت بالولاء لتنظيم القاعدة وزعيمه أيمن الظواهرى، والثانية هى الإعلان عن تنظيم جديد يحمل اسم «المرابطين».
حتى ظهور التسجيل الأخير كانت جميع المعلومات تتحدث عن كون هشام عشماوى القائد العملياتى لتنظيم بيت المقدس، الذى أعلن مبايعته «داعش»، وأصبح يحمل اسم «ولاية سيناء».
وفق ما يذكره «صقر» فإن خلافا ظهر أثناء وقبل المبايعة من «أنصار بيت المقدس» لـ«أبى بكر البغدادى» بين هشام عشماوى المؤيد لـ«جناح القاعدة» وأبوأسامة المصرى، زعيم «ولاية سيناء» الآن وكمال علام- قبل مقتله - المؤيدين لـ«داعش».
قطع التسجيل الطريق أمام «التخمينات»، إذ بدأ بكلمة لأيمن الظواهرى، زعيم تنظيم القاعدة، فى إشارة إلى الولاء لـ«القاعدة».
الرسالة الثانية كانت الإعلان عن تأسيس تنظيم «المرابطين»، بزعامة هشام عشماوى، المكنى بـ«أبى عمر المهاجر المصرى».
تأسس تنظيم «المرابطين» الأم فى نهاية العام 2013، بعد اندماج تنظيمين هما كتيبة «الموقعون بالدم» التى يقودها الجهادى الجزائرى مختار بلمختار، وجماعة التوحيد والجهاد فى غرب إفريقيا.
ومختار بلمختار هو القائد السابق لتنظيم القاعدة فى بلاد المغرب العربى، والمخطط لعملية احتجاز الرهائن فى حقل عين أميناس للغاز جنوب الجزائر 16 يناير 2013.
وينشط تنظيم «المرابطين» فى شمال مالى والساحل الإفريقى، حيث نفذ عدة عمليات إرهابية بالمنطقة.
وشهدت الفترة الماضية غموضًا حول موقف «المرابطين» من مبايعة «داعش»، ففى مارس الماضى نشرت مواقع جهادية كلمة صوتية باسم القيادى فى التنظيم أبوالوليد الصحراوى، أعلن فيها مبايعة «البغدادى»، غير أن الجماعة نفت فى بيان منسوب لزعيمها مختار بلمختار التسجيل، مؤكدة الالتزام بـ«بيعة القاعدة».
وتزامنًا مع ظهور «عشماوى» أعلن تنظيم «المرابطين» عزل أميره الحالى عدنان أبوالوليد الصحراوى (صاحب التسجيل) وتنصيب المختار بلمختار أميرًا جديدًا، كما أعلن تبرؤه من «داعش» وتمسكه بـ«بيعة القاعدة».