شهدت مناطق عدة في الأردن الجمعة مسيرات ضخمة، شارك فيها آلاف المواطنين
الذين طالبوا برحيل حكومة رئيس الوزراء سمير الرفاعي، ووضع حد للغلاء،
متهمين الأخير بالمسؤولية عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة للمواطنين، في ما
يبدو أنه عدوى لتحركات مماثلة في تونس والجزائر للغايات نفسها، رغم أن
حكومة الأردن
استبقت هذه الخطوة بإتخاذ إجراءات للسيطرة على الغلاء.
وجرت تلك المسيرات وسط تواجد أمني كثيف وتأهب من قبل قوات الدرك وإغلاق بعض
الطرق في مناطق حساسة في العاصمة عمان. وجاءت هذه المسيرات تلبية لدعوة
لجان شبابية في عدد من مناطق المملكة، فيما قاطعت هذه المسيرات الحركة
الإسلامية وأحزاب المعارضة والنقابات المهنية، التي أعلنت أنها ستنظم يوم
الأحد المقبل اعتصامًا كبيرًا للاحتجاج على غلاء الأسعار.
وكانت الحكومة الأردنية اتخذت يوم الثلاثاء الماضي سلسلة إجراءات اقتصادية
لامتصاص النقمة الشعبية ضد الغلاء وشملت تلك الإجراءات تخفيض أسعار
المشتقات النفطية وأسعار الأرز والطحين والسكر . كما قررت الحكومة فتح باب
التوظيف في عدد من وزاراتها أمام الشباب العاطلين عن العمل لاسيما في
المناطق الفقيرة.
إلا أن تلك الإجراءات اعتبرت غير كافية من قبل قطاع واسع من القوى في
البلاد لاسيما القوى اليسارية والحراك العمالي اللذين أصروا على المضي
قدمًا في المسيرات.
ففي عمان انطلقت مسيرة بعد صلاة الظهر شارك بها نحو خمسة آلاف شخص من أمام
الجامع الحسيني وسط العاصمة. وقام عدد من أصحاب المتاجر بإغلاق محلاتهم
"تخوفا من حدوث اشتباكات خلال المسيرة"، على الرغم من أن الجهات المنظمة
لها أكدت أنها سلمية وقامت قوات الأمن بإغلاق الشوارع المؤدية إلى الجامع
الحسيني وتم نشر سيارات مكافحة الشغب بكثافة.
ورفع المشاركون في المسيرة لافتات كتب عليها "مجلس النواب موقف وطني مش
موقف سيارات"، في لغة تهكمية على البرلمان، الذي كان قد منح ثقته لحكومة
الرفاعي الشهر الماضي، وبغالبية كبيرة، مما آثار انتقادات واسعة للمجلس.
ومن اللافتات أيضًا "رغيف الخبز خطك أحمر"، و"الأردن ليست للأغنياء فقط ،
التعليم ليس للأغنياء فقط، الصحة ليست للأغنياء فقط" و"مواطنون لا رعاية
حقوق لا مكارم " و"حذاري حذاري من جوعي وغضبي".
وفي منطقة ذيبان، التابعة لمحافظة مادبا، شارك المئات في مسيرة انطلقت بعد
صلاة الجمعة وهم يحملون لافتات "لا لسياسة التجويع .. لا لإفقار الشعب".
كما هتف المشاركون في المسيرة هتافات تحيي الملك عبد الله الثاني، وتطالب
برحيل حكومة الرفاعي "روح روح يا رفاعي وجودك ما لو داعي".
وقال الناشط العمالي محمد السنيد "سبق وأن حذرنا الحكومة من الاستقواء على
الفقراء والمساس بقوت الشعب ولكنهم بالغوا في فرض الضرائب وعدم المبالاة
بالمواطنين". وأكد أن المسيرات ستستمر حتى تسقط الحكومة التي أفقرت الشعب
الأردني .
وفي مدينة أربد، كبرى مدن شمال الأردن، انطلقت مسيرة من أمام الجامع
الهاشمي شارك فيها زهاء 1200 شخص وحدثت اشتباكات محدودة بين المشاركين.
وقال الناشط أدهم غرايبة "نحن متلزمون بمسيرات سلمية هدفها التعبير بشكل
حضاري عما يعانيه المواطنون جراء الغلاء وانتشار الفساد"، وعزا أسباب
الاشتباكات إلى وجود مجموعة من المندسين الذين حاولوا إخراج المسيرة عن
أهدافها .
وطالب المعتصمون برحيل الحكومة، ورفعوا شعارات "لا ثقة لمن منح الثقة
للفساد"، و"لا لنواب الثقة العمياء"، وقد رفعت هذه الشعارات من قبل التيار
الوطني التقدمي.
" كما رفعت شعارات "تسقط حكومة الرفاعي حكومة غلاء الأسعار"، وهتف
المشاركون "بالروح بالدم نفديك يا أردن"، و"لا لسرقة جيوب المواطن"، وكبروا
" الله أكبر".
وندد المشاركون أيضًا بغلاء الأسعار، إذ هتفوا "شعب الأردن ولع نار فضحتونا
بالأسعار"، و"ع المكشوف وع المكشوف حكومة ما بدنا نشوف"، ورفع المعتصمون
أرغفة الخبز دلالة على رمزية المسيرة ..
وانطلقت بعد صلاة ظهر الجمعة من أمام المسجد العمري، في الكرك، تظاهرة
حاشدة تطالب الملك عبدالله الثاني برحيل حكومة الرفاعي أيضاً. وندد
المشاركون في المسيرة بغلاء الأسعار والسياسة الاقتصادية للحكومة ورفعوا
يافطات كتب عليها "الأردن والله ما بصير دبي كابيتال يا سمير" و"يا رفاعي
زيد زيد مثلك مثل جدك ما في جديد"، و"ارحل ارحل يا رفاعي وجودك ماله داعي".
وكان الرفاعي يتولى منصب رئيس مجلس إدارة شركة "دبي كابيتال"، قبل أن يشكل
حكومته الأولى أواخر العام 2009. وشهدت المدينة قيام بعض الأشخاص بمنع
فضائية "الجزيرة" من تصوير المسيرة وتحطيم كاميرا طاقمها بسبب ما اعتبره
مواطنون إساءة الفضائية للأردن.