«أهلا بكم فى ميدان التحرير»، «لتكن مسيرة كمسيرة المصريين»،
كانت بعض الشعارات التى رفعتها مظاهرات حاشدة فى ولاية ويسكونسين بالولايات
المتحدة الأمريكية مستمرة منذ خمسة أيام، ضد قانون يضر بمصالح العمال.
ويعتبر المراقبون الدوليون أن تلك المظاهرات تأثرت بطراز الثورة المصرية.نقلت
وكالة الأنباء الفرنسية عن لسان مدرس متقاعد انضم للمتظاهرين «لقد كان
المصريون مثالا عظيما لنا»، ويتوقع خبراء أن يتسع نطاق المظاهرات الأمريكية
بعد أن وصل عدد المشاركين فيها حتى الآن إلى نحو 60 ألف مواطن. «نتوقع أن
يمتد أثر ما يحدث هنا إلى باقى الولايات الأمريكية، كما امتد أثر ما حدث فى
مصر إلى باقى الشرق الأوسط» يقول المدرس المتظاهر.
وتذكر وكالات
الأنباء أن ولاية اوهايو شهدت مؤخرا تظاهرات بعشرات الآلاف تحذر من إقرار
قانون مشابه لقانون ويسكونسين، وأن هناك إعدادا لحشد تظاهرات بإنديانا مع
خطة الولاية لتخفيض امتيازات تحصل عليها العمالة هناك.
وكان حاكم
ولاية ويسكونسين، سكوت ووكر، قد استفز قطاعا من العمال والطبقة الوسطى
بطرحه مشروع قانون للحد من قوة النقابات العمالية وحقها فى الاضراب، بما
ييسر من اجراءات خفض نفقات الموازنة فى ظل العجز الكبير الذى تعانى منه
الحكومة الأمريكية. واستفز ووكر، الذى ينتمى للحزب الجمهورى المحافظ،
المتظاهرين أكثر برفضه التفاوض مع نقابات العمال، وهو ما دفع أحدهم لرفع
لافتة عليها صورة ووكر ومكتوبا تحتها «حسنى مبارك».
«بعد التغطية
المكثفة التى شاهدها العالم فى أحداث الثورة المصرية، تحول ميدان التحرير
إلى «أيقونة» للدفاع عن الحرية والكرامة والخبز، تستطيع أن تلعب دورا مهما
كعامل موحد ومحفز للهمم، خاصة فى الولايات المتحدة التى يتمتع تاريخ
الحضارة المصرية بمكانة متميزة فى مناهجها الدراسية، وبالتالى فى عقلية
الأمريكيين» برأى جودة عبدالخالق، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة.
وفى
كلمته أمام المتظاهرين الجمعة الماضية، أعتبر الناشط السياسى الشهير
بأمريكا، جيس جاكسون، أن هناك ارتباطا بين أهداف الثورة المصرية والتظاهرات
الامريكية، معبرا بقوله «نحارب من أجل تحرير شمال افريقيا، وننتصر، مشينا
فى مسيرات القاهرة بمصر، وننتصر، ونمشى هنا فى مسيرات ماديسون بويسكونسين،
وننتصر»، مشيرا إلى وحدة هدف الشعوب من اجل العدالة الاجتماعية.
وبحسب
ما تنقله وكالات الانباء فإن التظاهرات الأمريكية لا تشبه المصرية فى
أعدادها الحاشدة فقط ولكن فى أسلوب التظاهر أيضا، فقد تركزت التظاهرات فى
ويسكونسين أمام مقر البرلمان بالولاية، فى جو احتفالى من عزف للموسيقى
والغناء، والابداع فى صياغة الشعارات، مع الالحاح على رفع شعارات بأن
التظاهرات سلمية. وواجه المتظاهرون مظاهرات من اصحاب المصلحة المؤيدين
لقانون حاكم الولاية، وتبادلوا الهتافات والشتائم، ولكن لم يحدث اشتباك
بينهم.
وفى كلمته أمام المتظاهرين لم يقصر جاكسون حديثه على انتقاد
«القانون المشكلة»، ولكنه أشار أيضا إلى برامج الرعاية الصحية والمتضررين
من أصحاب المنازل بأزمة الرهن العقارى، وتقديم الدولة أموال خطط الانقاذ
للقطاع المصرفى.
واعتبرت صحيفة «كالكتا تليجراف» الهندية أن هناك
خللا فى الاوضاع الاجتماعية بالولايات المتحدة، يشبه الأوضاع التى دفعت
المصريين للثورة، «الغضب الموجود لدى الطبقات الوسطى والطبقات العاملة فى
أمريكا منبعث من عدم رغبة صناع القرار سواء من الجمهوريين أو الديمقراطيين
فرض ضرائب على الاغنياء أو الانتقاص من امتيازات أصحاب الثروات، الذين
يزدادون ثراء حتى فى ظل ظروف الركود الحالى، وذلك لأن السياسات هناك لا
تختلف كثيرا عن سياسات حسنى مبارك فى مصر، التى سمحت للمقربين من ابنه جمال
بجمع ثروات ضخمة بشكل قانونى» بحسب الصحيفة الهندية.
واعتبرت
الصحيفة أن جذور هذه التظاهرات الامريكية نابعة من رؤية النخبة الحاكمة فى
الولايات المتحدة التى تقوم على تخفيض الانفاق على الطبقات الوسطى والعاملة
لحل الأزمات الاقتصادية.
ويرى عبدالخالق، أن الولايات المتحدة
أصبحت بيئة خصبة لعدم الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى منذ تطبيق سياسات فى
عهد رونالد ريجان، خاصة بتوزيع الدخول والعلاقة بين العمال ورأس المال،
والعمل على تفكيك النقابات العمالية.
اسم ميدان التحرير يرفرف علي مظاهرات ويسكونسين